الاثنين، 27 أغسطس 2012

دور الأمة في مراقبة المال العام

ثبت عن أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته أنه قال: "إني ما أصبت من دنياكم في مال الله، وفيء المسلمين مقام الوصي في مال اليتيم، إن استغنى أتعفف، وإن افتقر أكل بالمعروف"فهو لا يأكل أو يوكل بما زاد عن حاجته وفضل عن رغبته وهذا ما أكده عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بداية عهد خلافته ، وقال: "والله ما كنت أرى هذا المال يحق لي من قبل أن أليه إلا بحقه، وما كان قط أحرم علي منه إذ وليته، فأصبح أمانتي"    وجوب تحديد الأمة لمخصصات الحكام

إن الأمة ممثلة في نوابها الذين تقوم باختيارهم ولا يفرضون عليها-بتعيين او تزوير انتخابات-هي صاحبة الاختصاص في تحديد العطاء المخصص للخليفة(راتب الرئيس أو الأمير أو الملك)، ولها حق التدخل في مراجعة ما يقرره الحاكم من رواتب ومخصصات مالية لمستشاريه وعماله ووزرائه ، 
فبالرجوع إلى التاريخ وقراءة السير نجد أن الأمة الإسلامية ممثلة في نوابها من عرفائها وأهل الحل والعقد، هي التي فرضت للخلفاء المرتبات ، مقابل تفرغهم لمهامهم

ولذلك فرض الصحابة لأبي بكر رضي الله عنه من بيت المال مرتبه والذي لم يكن يتجاوز في مقداره قوت رجل من المهاجرين ليس بأفضلهم ولا أركسهم، وكسوة الشتاء والصيف

وذلك أنه حينما تم استخلاف أبا بكر على خلافة المسلمين أصبح غاديا إلى السوق كعادته وعلى رقبته أثواب يريد أن يتجر بها فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ فقال لهم: إلى السوق، فقالا له: ماذا تريد أن تصنع وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ فقال أصحاب رسول الله: افرضوا للخليفة ما يغنيه، فجعلوا له ألفين، فقال: زيدوني فإن لي عيالا وقد شغلتموني عن التجارة فزادوه"

وفي عهد عمر رضي الله عنه جاء عنه ".. إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين: حلة للشتاء وحلة للصيف، وما أحج به وأعتمر، وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد رجل من المسلمين"

وقد أكد ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال لعمر بن الخطاب بعد توليه الخلافة "لك من هذا المال ما يقيمك ويصلح عيالك بالمعروف وليس لك من هذا المال غيره"

وهذا تذكير من علي بن أبي طالب لأمير المؤمنين في وقته وحاكم المسلمين في عصره عمر بن الخطاب بأنه ليس له من الحق في مال المسلمين الا في حدود ما يعينه على أداء وظيفته، ويلبي حاجات أهله بالمعروف، وليس له أن يطمع في المزيد منه بل مثله مثل بقية المسلمين
فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من خلال هذا الكلام حاول بيان وإظهار ماهية الضوابط التي يجب مراعاتها عند تحديد رواتب الحاكم،ومستشاريه وعماله .وأنه يجب على الأمة ونوابها أن تحدد وتقنن صلاحيات وسلطة الحاكم في المال العام فلا يجوز له إن يعبث به وان يعطي منه من شاء ويمنع من شاء بهواه وشهوته. وان تصرفاته غير مطلقة في المال العام، فهو فيه بمنزلة الأجير، ولذلك ثبت عن أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته أنه قال: "إني ما أصبت من دنياكم في مال الله، وفيء المسلمين مقام الوصي في مال اليتيم، إن استغنى أتعفف، وإن افتقر أكل بالمعروف"فهو لا يأكل أو يوكل بما زاد عن حاجته وفضل عن رغبته
وهذا ما أكده عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بداية عهد خلافته ، وقال: "والله ما كنت أرى هذا المال يحق لي من قبل أن أليه إلا بحقه، وما كان قط أحرم علي منه إذ وليته، فأصبح أمانتي"

وأخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن مقدار ما يحل للخليفة في بيت مال المسلمين، ومثل بنفسه فقال: "يحل لي حلتان حلة في الشتاء وحلة في القيظ وما أحج عليه وأعتمر من الظهر وقوتي وقوت أهلي كقوت رجل من قريش، ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم وإني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، لا يحل لي من هذا المال إلا ما كنت آكلا من صلب مالي  دور الأمة في مراقبة المال العام

إن ما ذكرناه يعتبر جزء من ممارسة الأمة لدورها في قوامتها على الحاكم ومحاسبتها له في مراقبة المال العام(مال المسلمين). ولتأصيل ذلك ولإقفال باب شبه يمكن أن ينفذ منه أعوان الشياطين الذين تلاعبوا بنصوص الدين وأرادوا أن يملكوا الأمة للسلاطين ممن كانوا في تصرفاتهم مبتعدين عن الدين ,لذلك نجد صحابة رسول الله قد أكدوا على مبدأ قوامة الأمة ووجوب محاسبتها للحكام في جميع الأمور ومن أهمها مراقبة المال العام,ومحاسبة الحكام عليه مما حدا بهم لتأصيل هذا المبدأ وترسيخه عند عموم الأمة أن ينهوا عن وصف مال الأمة بأنه مال الله, وهذا ما فعله عمر بن الخطاب وأبا ذر الغفاري رضي الله عنهما حيث لم يحبا أن يوصف مال الأمة العام بأنه مال الله، وآثرا تسميته بمال المسلمين، حيث قال أبو ذر لمعاوية "ما يحملك على أن تسمي مال المسلمين مال الله"، فنزل معاوية على رأيه وذلك لتأكيد مبدأ مشروعية مراقبة الأمة للحاكم في هذا المال لأنه مالها وهي المسؤلة عن مراقبته ومعرفة طرق جمعه وصرفه واستثماره , ومما لاشك فيه أن جميع الصحابة رضوان الله عليهم ومنهم أبا ذر رضي الله عنه يعلمون أن المال في أصله مال الله، ولكنه آثر ترسيخ تسميته بهذا المصطلح من اجل إن يشعر كل واحد من الأمة بحقه المباشر في هذا المال مما يوحي بحق كل فرد في مراقبة أوجه صرف المال العام، وفي وجوب الشفافية في جميع التصرفات فيه ولزوم أن تكون هذه التصرفات تصرفات مشروعة لا تصرفات من اجل أهواء الحكام ورغباتهم مما يتيح المجال لهم في الخوض في هذا المال بحسب شهواتهم فيعطون ويمنعون بالرغبة والهوى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق